من أروع الأشعار ما يكون للأب، حيث يزيد الشعر نوراً وسعادة، إليكم شعر جميل عن
الأب بالفصحى:
لم تكتب الشّعرَ يوما ما ولا الأدَبا . وما سهرتَ الليالي تقرأُ الكُتُبا
ولم تكن من ذَوي الأموال تجمعُها . لم تكنز الدُّرَّ والياقوتَ والذهَبا
لكن كنزتَ لنا مجدا نعيشُ به . فنحمدُ اللهَ مَن للخير قد وَهبا
أضحَى فؤاديَ سفرا ضَمَّ قافيتي . ودمعُ عيني على الأوراق قد سُكبا
سأنظم الشعرَ عرفانا بفضلك يا . مَن عشتَ دهرَك تجني الهمَّ والنّصَبا
سأنظم الشعر مدحا فيكَ منطلقا . يجاوزُ البدرَ والأفلاكَ والشُّهُبا
إن غاضَ حبري بأرض الشّعر والهفي . ما غاض نبعُ الوفا في القلب أو نضبا
قالوا تغالي فمَن تعني بشعرك ذا . فقلت أعني أبي أنعم بذاك أبا
كم سابقَ الفجرَ يسعى في الصباح ولا . يعودُ إلا وضوءُ الشمس قد حُجبا
تقول أمي صغارُ البيت قد رقدوا . ولم يَرَوك أنُمضي عمرَنا تعَبا
يجيب إني سأسعى دائما لأرى . يوماَ صغاري بُدورا تزدهي أدبا
ما شعريَ اليومَ إلا من وَميض أبي . لولاه ما كان هذا الشعرُ قد كُتبا
فأنتَ أولُ مَن للعلم أرشدني . في حمصَ طفلا ولمّا كنتُ في حَلَبا
في الشام في مصرَ طيف منك في خلَدي . أرنو إليه فقلبي ينتشي طرَبا
ولم تكن أبتي في المال ذا نسَب . لكن بخير نكونُ السادةَ النّجُبَا
فالمالُ لن يُعليَ الإنسانَ منزلة . إن لم يكن بالمزايا يرتقي السُّحُبا
لقد نُسبتَ أبي للخير في كرم . يا منبعَ النبل فلتَهنأ بذا نسبا
نصحتنا ما أُحيلى النّصحَ يا أبتي . فأنت مدرسة في النصح لا عَجَبا
حَماك ربي من الحُسَّاد يا أبتي . قد ارتقيتَ وكم من حاسد غَضبا
فاحفظ لنا ربَّنا دينا نَدينُ به . قد شرَّف العُجمَ طولَ الدهر والعَربا
واحفظ لنا والدي والأمَّ يا سندي . وإخوتي وأُناسا حبُّهُم وَجَبا
لستُ أنساهُ، إنه في فؤادي . صورة حيَّة، ونجم هاد
ذكرُه نفحة من المسك صرف . تُفعمُ الرُّوحَ بالشَّذا والوداد
غَيمة ثرَّة سراج أنيق . لفحة من عُلا بعيد المراد
إنه سيّدي أبي وحبيبي . عالَما كان، شاسعَ الأبعاد
راحل من سنين عشر وما يه . دأُ حُزني، وحسرتي في اطّراد
وكأنَّ السنينَ بعضُ نهار . لا حياة طويلةَ الآماد
قلتُ: أنساه، يوم أن طارَ طيفا . في هدوء، والدَّهرُ آسي العباد
بيدَ أني لَغَوتُ، إنَّ حَياتي . تتأبَّى نسيانَه، في عناد
كيفَ يَسلو الظَّمآن وردا تناءى . كيفَ يَسلو المقرورُ دفء المهاد
كلَّما شاءت الأعاصير إعنا . تي تنسَّمتُ في سَناه سَدادي
هُوَ مَن صانَني من الرّيح حيّا . ومضى بي على طَريق الجهاد
وحباني غُرَّ المَعاني صبيّا . مزَج الطهرَ في شَرابي وزادي
وحكى لي عن النبيّين طُرّا . عن رجال الصحابة الرُّوَّاد
عن نبيّ الوجود أحمدَ، عن . آفاقه عن ضيائه الوقَّاد
بثَّ حبَّ الإسلام، حتى رآه . في ضميري يَحيا، بلا أنداد
ورعاه، حتى ارتَوى من دمائي . وارتوت منه ريَّ هيمانَ صاد
أنفَقَ العُمرَ دعوة ودعاء . في الليالي لا في الهوى والرُّقاد
كم فتحتُ العينين ليلا أراه . خاشعا في سجوده، كالجَماد
سابحَ الفكر، دامعَ القلب، يَدعو . ربّ ثبّت على الهُدى أولادي
وأعزَّ الإسلامَ في كلّ أرض . واهد أبناءَه سبيل الرَّشاد
واعفُ عنّي إذا غَدوتُ وحيدا . في ظلام القُبور، صفرَ الأيادي
كان يَنبوعَ حكمة، في بيان . ساحر يُنبتُ التُّقى في الرَّماد
كابدَ المرَّ في اصطبار وصَمت . ومَضى في مسالك الزُّهَّاد
ربّ فاسكب علَيه ما أنتَ أهل . من نديّ الرَّحمات والإسعاد
واجعلن في جنانك الفيح مأواه . وبارك عليه يوم المَعاد
اشعار عن الاب بالفصحى